فصل: حصار الفرنج دمياط.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.رجوع أسد الدين إلى مصر ومقتل شاور ووزارته.

ثم طمع الإفرنج في مصر واستطالوا على أهلها وملكوا بلبيس واعتزموا على قصد القاهرة وأمر شاور بتخريب مصر خشية عليها منهم فحرقت ونهب أهلها ونزل الفرنج على القاهرة وأرسل العاضد إلى نور الدين يستنجده وخشي شاور من اتفاق العاضد ونور الدين فداخل الفرنج في الصلح على ألفي ألف دينار مصرية معجلة وعشرة آلاف أردب من الزرع وحذرهم أمر القهر إلى ذلك وكان فيه السفير الجليس بن عبد القوي وكان الشيخ الموفق كاتب السر وكان العاضد قد أمرهم بالرجوع إلى رأيه وقال: هو رب الحرمة علينا وعلى آبائنا وأهل النصيحة لنا فأمر الكامل شجاع بن شاور القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني أن يأتيه ويشاوره فقال له: قل لمولانا يعني العاضد إن تقرير الجزية للفرنج خير من دخول الغز للبلاد واطلاعهم على الأحوال ثم بعث نور الدين العساكر مع أسد الدين شيركوه مددا للعاضد كما سأل وبعث معه صلاح الدين ابن أخيه وجماعة الأمراء فلما سمع الفرنج بوصولهم أفرجوا على القاهرة ورجعوا إلى بلادهم وقال ابن الطويل مؤرخ دولة العبيديين: إنه هزمهم على القاهرة ونهب معسكرهم ودخل أسد الدين إلى القاهرة في جمادى سنة أربع وستين وخلع عليه العاضد ورجع إلى معسكره وفرضت له الجرايات وبقي شاور على ريبة وخوف وهو يماطله فما يعين له من الأموال ودس العاضد إلى أسد الدين بقتل شاور وقال: هذا غلامنا ولا خير لك في بقائه ولا لنا فبعث عليه صلاح الدين ابن أخيه وعز الدين خرديك وجاء شاور إلى أسد الدين على عادته فوجده عند قبر الإمام الشافعي فسار إليه هنالك فاعترضه صلاح الدين وخرديك فقتلاه وبعثا برأسه إلى العاضد ونهبت العامة دوره واعتقل إبناه شجاع والطازي وجماعة من أصحابه بالقصر وخلع عليه للوزارة ولقب المنصور أمير الجيوش وجلس في دست الوزارة واستقر في الأمر وغلب على الدولة وأقطع البلاد لعساكره واستعد أصحابه في ولايتها ورد أهل مصر إلى بلدهم وأنكر ما فعلوه في تخريبها ثم اجتمع بالعاضد مرة أخرى وقال له جوهر الاستاذ: يقول لك مولانا لقد تيقنا أن الله ادخرك نصرة لنا على أعدائنا فحلف له أسد للدين على النصيحة فقال له: الأمل فيك أعظم وخلع عليه وحسن عنده موقع الجليس بن عبد القوي وكان داعي الدعاة وقاضي القضاة فأبقاه على مراتبه.

.وفاة أسد الدين وولاية صلاح الدين الوزارة.

ثم توفي أسد الدين رحمه الله تعالى لشهرين في أيام قلائل من وزارته وقيل لأحد عشر شهرا وأوصى أصحابه أن لا يفارقوا القاهرة ولما نوفي كان معه جماعة من الأمراء النورية منهم عين الدولة الفاروقي وقطب الدين يسال وعين الدين المشطوب الهكاوي وشهاب الدين محمود الحازمي فتنازعوا في طلب الرياسة وفي الوزارة وجمع كل أصحابه للمغالبة ومال العاضد إلى صلاح الدين لصغره وضعفه عنهم ووافقه أهل دولته على ذلك بعد أن ذهب كثير منهم إن دفع الغز وعساكرهم إلى الشرقية ويولي عليهم قراقوش ومال آخرون إلى وزارة صلاح الدين ومال العاضد إلى ذلك لمكافأته عن خدمته السالفة فاستدعاه وولاه الوزارة واضطرب أصحابه وكان الفقيه عيسى الهكاري من خلصاء صلاح الدين فاستمالهم إليه إلا عين الدولة الفاروقي فإنه سار إلى الشام وقام صلاح الدين بوزارة مصر نائبا عن نور الدين يكاتبه بالأمير الأصفهان ويشركه في الكتاب مع كافة الأمراء بالديار المصرية ثم استبد صلاح الدين بالأمور وضعف أمر العاضد وهدم دار المعرفة بمصر وكانت حبسا وبناها مدرسة للشافعية وبني دار الغزل كذلك للمالكية وعزل قضاة الشيعة وأقام قاضيا شافعيا في مصر واستناب في جميع البلاد.

.حصار الفرنج دمياط.

ولما جاء أسد الدين وأصحابه إلى مصر وملكوها ودفعوهم عنها ندموا على ما فرطوا فيها وانقطع عنهم ماكان يصل إليهم وخشوا غائلة الغز على بيت المقدس وكاتبوا الفرنج بصقلية والأندلس واستنجدوهم وجاءهم المدد من كل ناحية فنازلوا دمياط سنة خمس وستين وبها شمس الخواص منكوريين فأمدها صلاح الدين بالعساكر والأموال مع بهاء الدين قراقوش وأمراء الغز واستمد نور الدين واعتذر عن المسير إلها بشأن مصر والشيعة فبعث نور الدين العساكر إليها شيئا فشيئا وسار بنفسه إلى بلاد الفرنج بسواحل الشام فضيق عليها فأقلع الفرنج عن دمياط لخمسين يوما من نزولها فوجدوا بلادهم خرابا وأثنى العاضد على صلاح الدين في ذلك ثم بعث صلاح الدين غرابيه نجم الدبن وأصحابه إلى مصر وركب للعاضد للقائه تكرمة له.